محمد المسروجي... رحلة كفاح تمتد لستة عقود<br/>
قصة نجاح رجل الأعمال محمد المسروجي ، تتلخص في رحلة كفاحية تمتد إلى عشرات السنين ، لم تكن طريقه فيها مفروشة بالزهور.. بل كانت سلسلة طويلة من العثرات والانجازات التي تراكم بعضها فوق بعض قبل أن تتوج بمجموعة من الشركات متعددة الاختصاصات والأعمال.
ولد محمد المسروجي في القاهرة لأبوين فلسطينيين عام 1935، وكان والده قد هاجر إلى مصر في بدايات القرن الماضي وعمل في التجارة وأسس عدداً من المشاريع التجارية والعقارية، ثم عاد إلى مدينته الخليل ليتقاعد فيها.
التحق محمد بمدارس الخليل حتى انتهاء الدراسة الثانوية، والتحق بعدها ببعثة دراسية من قبل وكالة الغوث إلى دار المعلمين الابتدائية في بعقوبة في العراق، وعاد بعدها ليدرّس في مدارس وكالة الغوث التي عمل بها لمدة 4 سنوات وكان خلالها أمين سر نقابة معلمي ومعلمات وكالة الغوث في الأردن (الضفة الغربية والضفة الشرقية)، وأثناء عمله انتسب إلى جامعة دمشق لدراسة التاريخ، وكان حينها ناشطاً في حزب البعث العربي الاشتراكي، واعتقل عدة مرات وأمضى ما مجموعه حوالي 4 سنوات في السجون، وفصل بسبب ذلك من الوكالة.
كان ترك العمل في وكالة الغوث ، بداية الطريق بالنسبة لمسروجي في عالم التجارة، فقد عمل مندوبا طبيا في أحد مستودعات الأدوية، وبعد عام أسس مستودع أدوية القدس في المدينة المقدسة ، وحصل على وكالات لشركات أدوية أجنبية، واستمر ذلك حتى عام 1967 حين احتلت إسرائيل ما تبقى من فلسطين، ولم يسمح له بإستئناف الاستيراد بحجة أن الأدوية التي يستوردها غير مسجلة في إسرائيل، وعرض عليه في المقابل أن يعمل مع الشركات الإسرائيلية، فرفض ذلك.
وفي عام 1969 أسس المسروجي مع بعض الزملاء شركة القدس للمستحضرات الطبية، وعنها يقول : "كانت عبارة عن محاولة بسيطة لإنتاج الأدوية كي نعوض بعض النقص في الأسواق، ولكنها بنيت على التصميم والإرادة والتحدي، وكان رأس المال الابتدائي أقل من عشرين ألف دينار وبعدد من الموظفين والعاملين لا يصل إلى الثلاثين موظفاً".
وغدت شركة القدس اليوم مجموعة من خمسة مصانع في فلسطين والأردن والجزائر، وتشغل أكثر من أربعمائة موظف، وتنتج أكثر من مائتي صنف.
وأثناء عمله، واصل المسروجي دراسته الأكاديمية، وحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من إحدى الجامعات الاميركية .
وتحول مستودع أدوية القدس بعد سنوات إلى(مجموعة مسروجي)، ويضم الآن تسع شركات تعمل في الأدوية، والأغذية، وألعاب الأطفال، ومستحضرات العناية الشخصية، وكذلك شركات في الأجهزة الطبية، والعقارات، والنقل، وتكنولوجيا المعلومات، والوساطة المالية، وغيرها، ويمتد نشاطها إلى الأردن والشرق الأوسط.
وفي مسيرته العملية، أسس المسروجي مع زملاء له، العديد من الشركات وفي مقدمتها مجموعة التأمين الوطنية والتي تضم بالإضافة إلى التأمين، شركة عقارية وشركة مختبرات طبية، كما أسست المجموعة شركة استثمارات والتي بدورها أسست مدارس ومستشفى ومقاولات وخلافها.
المسؤولية الاجتماعية .....
وللعمل المجتمعي والعام نصيب من رحلة كفاح محمد مسروجي، فقد أسس مع زملاء له جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين، ثم اتحاد جمعيات رجال الأعمال الفلسطينيين، ويشرفه زملاؤه دائماً بإنتخابه رئيساً لهذه المؤسسات، كما انتخب نائباً لرئيس اتحاد رجال الأعمال العرب والذي يمثل رجال الأعمال في معظم البلدان العربية، وهو إحدى مؤسسات الجامعة العربية، وكذلك فقد أسس وترأس جمعية أصدقاء جامعة بيرزيت التي تعنى بمسيرة الجامعة وخاصة الطلبة.
كما يشغل المسروجي عضوية العديد من مجالس أمناء المؤسسات المجتمعية، ومنها الملتقى الفكري العربي، و"الحق"، والمجلس الأعلى للإبداع والتميز، والجامعة العربية المفتوحة بالكويت، والمجمع العربي للإدارة والمعرفة بالأردن.
ويؤمن المسروجي بأن على رجل الأعمال خلال مسيرته العملية ألا ينسى أن لمجتمعه عليه حق وواجب في أن يساهم في تنمية هذا المجتمع وأن يخفف من وطأة الحياة على غير القادرين من ابناء شعبه ، فعليه أن يساهم في النشاطات الاجتماعية وأن يبذل كل ما يستطيع من أجل إسعاد غيره، ولذلك فإن المسروجي يعمل من خلال الجمعيات التي يرأسها أو يشارك فيها على المساهمة في مناحي الخير، سواء كان في التعليم حيث يوفر مباشرة، أو من خلال المؤسسات بدعم عدد من البعثات الدراسية.
وقد تم في هذا العام افتتاح مبنى محمد المسروجي للإعلام في جامعة بيرزيت، كما تقوم المؤسسات التي يديرها أو يشارك في إدارتها بدورها في الخدمات الاجتماعية والإنسانية.
وتقديرا لدوره الاقتصادي والمجتمعي، فقد منحت جامعة بيرزيت المسروجي شهادة الدكتوراه الفخرية في الاقتصاد عام 2011.
دروس من الحياة ....
التجارب العديدة التي مر بها المسروجي في حياته العملية ، علمته الكثير من الدروس، فالحياة العملية كما يراها هي عبارة عن بناء يستكمل بناؤه طوبة فطوبة.. لا مجال للكسب السريع السهل كما يظن بعض الشباب هذه الأيام، وكما أن هنالك نجاحات فهنالك أيضاً إخفاقات، ولكن هذه الإخفاقات غير منظورة ولا يمكن أن يتحقق نجاح في مجال العمل من دون العزم والتصميم والمثابرة والمصداقية والرؤية، ومعظم هذه الصفات هي موهبة من الله سبحانه وتعالى، ولكن الإنسان في تحدٍ دائم فإما أن يستجيب لهذا التحدي وينجح أو يُهزم ويفشل، ولا بد من التغلب على العقبات بالصبر والإيمان، والصمود هو لعبة الحياة، فكم من مجتهد حقق أمنياته بالعمل الجاد والإخلاص وكم من متسرع تعب في منتصف الطريق أو حتى في أوله وانكفأ.
ويضيف المسروجي: " نحن في وضع ملؤه التحديات وأهمها في هذه الأيام الاحتلال وما يضعه أمامنا من عقبات، وكذلك ضعف الاقتصاد، ورجل الأعمال دائماً يقف على مفترق طرق، فإما أن يأخذ القرار الصائب فيسير في الطريق الصحيح، أو يخطئ في قراراته فيسير في الطريق الخاطئ، والنجاحات هي مجموعة قرارات يومية تستند إلى خطط استراتيجية قد تكون فصلية أو سنوية أو حتى كل 3 أو 5 سنوات".
عائلة متحابة ....
المسروجي متزوج من السيدة رسمية الطحان، والتي يؤكد ان لها فضلا كبيرا على نجاحه ونجاح الأسرة مجتمعياً وعملياً، وهو أب لأربعة أبناء، أكبرهم إياد وهو صيدلي متخرج من بريطانيا وحاصل على شهادة الماجستير في الإدارة، وهيثم وهو حاصل على شهادة الصيدلة من بريطانيا والماجستير في إدارة الأعمال، وريم وهي حاصلة على شهادة البكالوريوس في إدارة الأعمال من الجامعة الأردنية والماجستير في نفس التخصص من جامعة بيرزيت، وربى وهي حاصلة على نفس الشهادات من جامعة بيرزيت.
ويقول: "لنا والحمد لله أحد عشر حفيداً وحفيدة، جميعهم في الجامعات والمدارس، نتبادل جميعنا المحبة والصداقة، وأعتبر أن أهم ما حققته وزوجتي هو بناء أسرة متحابة ومتماسكة في وضع اجتماعي وعلاقات وصداقات مميزة".